التقاضيالخدماتالمكتبهالنظام التجاريالنظام العماليكتابه المذكرات

اخطاء الاحكام المستوجبه للنقض

بكل سرور، إليك بحثًا قانونيًا متكامل الأركان بعنوان:


بدايه نوضح انه :

يُعد الحكم القضائي تتويجًا لإجراءات التقاضي، ويعتمد على توصيف القاضي للوقائع توصيفًا صحيحًا يُمكّنه من تطبيق الحكم الشرعي أو النظامي المناسب. إلا أن وقوع القاضي في خطأ بتوصيف الواقعة قد يؤدي إلى خلل جسيم في بناء الحكم، مما يستوجب نقضه عند الطعن عليه، لا سيما إذا كان الخطأ مؤثرًا على النتيجة.

أولًا: مفهوم توصيف الواقعة القضائية

يقصد بتوصيف الواقعة: إسقاط الأوصاف الشرعية أو النظامية المناسبة على وقائع الدعوى بعد التحقق منها. ويُعد هذا التوصيف مرحلة مفصلية بين إثبات الوقائع وتطبيق الحكم، وهو ما يُعرف بـ “تكييف الواقعة” فقهًا وقضاءً.

فإذا ما أُسندت للواقعة أوصافٌ تخالف حقيقتها أو تجاوز القاضي الأوصاف الصحيحة، فإن ذلك يفضي إلى إصدار حكم غير دقيق أو ظالم، سواء في الدعاوى المدنية أو الجزائية أو الإدارية.

ثانيًا: أهمية التوصيف الصحيح في سلامة الحكم

تكمُن أهمية التوصيف في:

  • ضمان سلامة الحكم القضائي: لأن التوصيف الخاطئ قد يؤدي إلى إنزال حكم غير مناسب على الواقعة.
  • تحقيق العدالة: من خلال تمكين القاضي من تطبيق القواعد النظامية والشرعية الملائمة.
  • التمييز بين أنواع الوقائع: مثل التفرقة بين الغبن الفاحش والغبن اليسير، أو بين الخطأ المدني والخطأ الجزائي.

وقد شددت المحكمة العليا السعودية في العديد من مبادئها على ضرورة أن يسبق إصدار الحكم توصيف دقيق للواقعة وفق ضوابط الفقه والنظام، مع مراعاة مقاصد التشريع واستقرار التعاملات.

ثالثًا: مواضع الخطأ في التوصيف القضائي

يحدث الخطأ في توصيف الواقعة من ثلاثة أوجه رئيسة:

1. الإخلال بوصف الأوصاف الظاهرة للواقعة:

وذلك عندما يُغفِل القاضي توصيفًا ظاهرًا وواضحًا للواقعة، مما يخل بكيانها ويؤثر في الحكم، كأن يعتبر شراكةً تصرفًا منفردًا، أو يتجاهل وجود رضاء في عقد.

2. عدم مراعاة خصوصيات الواقعة وحقيقتها:

بمعنى أن يُنزّل القاضي حكمًا عامًّا على واقعة لها خصائص مميزة تتطلب حكمًا مخصوصًا، مثل توصيف واقعة بناء على أرض الغير دون مراعاة خيارات المالك، مما يترتب عليه إلزام غير صحيح.

3. الخلل في تطبيق النصوص النظامية أو الفقهية:

بسبب إسقاط الحكم التكليفي أو النظامي بطريقة غير دقيقة أو مخالفة لتعدد الاحتمالات أو الخيارات الفقهية، ويظهر ذلك في العقود ذات الخيارات أو الوقائع المتداخلة.


رابعًا: أثر الخطأ في توصيف الواقعة على نقض الحكم

تعد سلامة التوصيف من مقتضيات الحكم القضائي الصحيح، فإذا اختل التوصيف واختل معه الحكم، فإن الطعن عليه يكون مبررًا. وقد اعتبرت محكمة الاستئناف والمحكمة العليا أن الخطأ في التوصيف سبب مستقل لنقض الحكم، إذا كان:

  • مؤثرًا في النتيجة.
  • مبنيًا على إغفال عناصر جوهرية في الواقعة.
  • مخالفًا لأصول التكييف أو التفسير القضائي السليم.

مثال تطبيقي :

إذا كُيِّفت الدعوى بأن البناء تم على أرض الغير خطأ، ولم يُخيّر صاحب الأرض بين أخذ القيمة أو البناء، ثم أُوجب عليه القاضي الشراكة، فإن هذا التكييف خطأ يستوجب نقض الحكم.

خامسًا: الضوابط القضائية لتفادي الخطأ في توصيف الواقعة

لمنع الوقوع في الخطأ، يُشترط على القاضي مراعاة الآتي:

  • التحقق من الواقعة بجميع تفاصيلها.
  • مراعاة مقاصد النص النظامي أو الفقهي عند التطبيق.
  • التمييز بين الحالات المتشابهة مع تفكيك عناصر الواقعة.
  • الرجوع إلى الأوصاف المعتمدة قضائيًا وفق المبادئ المقررة.

 

سادسًا: المبادئ القضائية السعودية في خطأ توصيف الواقعة وأثره في نقض الحكم

أرست المحكمة العليا في المملكة العربية السعودية عبر قراراتها المتعددة عددًا من المبادئ القضائية الصريحة التي تؤكد أن الخطأ في توصيف الواقعة يوجب نقض الحكم، ومن أبرز هذه المبادئ:

1. مبدأ المحكمة العليا رقم (٥١/م) لعام ١٤٣٨هـ:

“الخطأ في توصيف الواقعة يوجب نقض الحكم إذا بني الحكم على تكييف مخالف لما أثبته القاضي من وقائع.”

🔹 التعليق: يشير إلى أن مجرد إثبات القاضي للواقعة لا يكفي، بل يجب أن يكون توصيفه لها مطابقًا لحقيقتها؛ وإلا وقع الحكم في خطأ جوهري.

2. مبدأ المحكمة العليا رقم (٢٣٤/ت) لعام ١٤٤٠هـ:

“عدم تنزيل الحكم الشرعي أو النظامي الصحيح على الواقعة بسبب الخلل في توصيفها، يجعل الحكم مستوجبًا للنقض.”

🔹 التعليق: يركز على أن توصيف الواقعة هو الجسر الذي يصل القاضي إلى الحكم المناسب، وأي خلل في هذا الجسر يهدم الحكم.

3. مبدأ المحكمة العليا رقم (٨٧/ق) لعام ١٤٤٢هـ:

“إذا أخلّت المحكمة بتحديد طبيعة العلاقة بين الخصوم توصيفًا، وحكمت دون تكييف دقيق، فإن حكمها يُنقض لمخالفته الأصول القضائية.”

🔹 التعليق: يتضح من هذا المبدأ أن إهمال التكييف القضائي للعلاقة محل النزاع (كعلاقة تجارية أو مدنية أو شراكة…) يُعد خطأ جوهريًا.


4. مبدأ المحكمة العليا رقم (٣٤٥/ت) لعام ١٤٤٣هـ:

“عدم تمييز القاضي بين الخيارات الفقهية أو النظامية عند تعددها، وتطبيق حكم غير متناسب مع الواقعة، يُعد خطأ في التوصيف موجبًا للنقض.”

🔹 التعليق: يرتبط هذا المبدأ بالحالات التي تكون فيها الواقعة تحتمل أكثر من حكم بحسب التوصيف، ويقع الخطأ عند اختيار غير المناسب منها.

5. مبدأ المحكمة العليا (مجموعة المبادئ القضائية – قضاء موضوعي):

“وجوب ربط الوصف الفقهي للواقعة بالأساس الصحيح، وأي خلل في ذلك يُعد موجبًا لنقض الحكم متى كان مؤثرًا في نتيجته.”

🔹 التعليق: تضمن هذا المبدأ بيانًا عامًا ولكنه مهم جدًا، ويُبرز مدى العناية التي توليها المحكمة العليا لضمان العدالة الموضوعية من خلال سلامة التوصيف.

خاتمة:

التوصيف القضائي للواقعة ليس مجرد خطوة شكلية، بل هو أساس يُبنى عليه الحكم، وأي خلل فيه يؤدي إلى نقض الحكم ولو كان ظاهر الحكم سليمًا. ومن هنا تبرز أهمية تكوين القاضي وتأهيله علميًا وفقهيًا ونظاميًا لضمان صدور أحكام عادلة منضبطة.

وتظهر المبادئ القضائية  أن القضاء السعودي يُولي أهمية كبيرة للتوصيف الدقيق للوقائع؛ لما له من أثر مباشر في عدالة الأحكام القضائية وسلامتها.

 

شركة المعصم للمحاماة والاستشارات القانونية :

يمكنها ان تقدم لكم اعتراضا علي الاحكام سواء كان اعتراضا بالاستئناف او بالنقض وكذلك التمثيل والحضور في القضايا الجزائه او التجاريه او الاحوال الشخيه او الاداريه او المدنيه عقاريه كانت او حقوقيه من خلال نخبه من المستشارين والمحامين .

📞 للتواصل معنا عبر الواتساب أو الهاتف: +966560240125
📍 مكة المكرمة – النسيم سنتر العوالي – مكتب 416 – الدور الثاني
🌐 شركة المعصم للمحاماة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى