حق الدفاع في المحاكمه الجزائيه

من المبادئ الأساسية في نظام الإجراءات الجزائية هو ضمان حق الدفاع للمتهم أثناء المحاكمة. وقد أقر فقهاء الشريعة الإسلامية جواز التوكيل بالخصومة، سواء في القضايا المدنية أو الجنائية، حيث اعتبروا أن إجازة التوكيل في إثبات الادعاء تتضمن أيضًا إجازته في دفعه، خاصة أن المتهم في موقف الاتهام يكون في حاجة ماسة لمن يدافع عنه نتيجة ما قد يعتريه من اضطراب يمنعه من الدفاع عن نفسه.
النظام الجنائي الإسلامي كفل هذه الحقوق الأساسية للمتهم، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، ما يعكس سبق الشريعة الإسلامية في إقرار ما يُعرف اليوم بحقوق الأقليات. ولقد أتى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مؤكدًا على حق الدفاع في المادة الحادية عشرة التي تنص على أن كل متهم بجريمة يعتبر بريئًا حتى تثبت إدانته قانونًا بمحاكمة علنية تتوفر فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
كما أشار العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة الرابعة عشرة إلى حقوق المتهم، مثل إبلاغه بالتهم الموجهة إليه بلغة يفهمها، ومنحه وقتًا كافيًا لإعداد دفاعه، مع إمكانية الاتصال بمحامٍ يختاره. وإذا تعذر على المتهم تعيين محامٍ بسبب وضعه المالي، فإن الدولة ملزمة بتوفير محامٍ للدفاع عنه مجانًا. ورغم أن هذا الحق يُمارس في بعض الأنظمة الوضعية غالبًا في القضايا الجنائية الخطيرة، إلا أنه يُعد من الحقوق الأساسية التي لا يمكن التغاضي عنها.
أثناء المرافعات، أكد العهد الدولي على حق المتهم في مناقشة الشهود ونفي أقوالهم، وحقه في عدم التعرض للإكراه للاعتراف ضد نفسه. وقد سبق النظام الجنائي الإسلامي في تقرير هذه الضمانات. كما يعترف العهد الدولي بحق المتهم في الحصول على مترجم يتولى نقل أقواله للقاضي ونقل أقوال القاضي والشهود إليه، وهو ما كفله النظام الإسلامي أيضًا.
يتمتع المتهم بهذه الضمانات بغض النظر عن حالته السياسية أو سوابقه الجنائية. وقد أكدت المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على هذا المبدأ الأساسي.
نظام الإجراءات الجزائية السعودي
تنص المادة (139) من نظام الإجراءات الجزائية على أن حضور المتهم بنفسه أمام المحكمة إلزامي في الجرائم الكبيرة، مع حقه في الاستعانة بمن يدافع عنه. وإذا لم يتمكن المتهم ماليًا من تعيين محامٍ، يحق له طلب تعيين محامٍ على نفقة الدولة وفقًا لما تنص عليه اللوائح.
في الجرائم الأخرى، يجوز للمتهم تعيين وكيل أو محامٍ للدفاع عنه، وللمحكمة الحق في طلب حضوره شخصيًا إذا استدعى الأمر.
اللائحة التنفيذية
- المادة (96): إذا طلب المتهم في الجرائم الكبيرة تعيين محامٍ على نفقة الدولة، يتعين عليه تقديم طلب مكتوب للمحكمة يتضمن بياناته الشخصية، نوع التهمة الموجهة إليه، مصادر دخله، وإقرارًا بعدم قدرته على تعيين محامٍ على نفقته الخاصة. وتلتزم المحكمة بالتحقق من صحة الطلب وإجراء التحريات اللازمة.
- تصدر المحكمة قرارها بقبول أو رفض الطلب، مع بيان الأسباب، وفي حال الموافقة تُخطر الوزارة لتسمية محامٍ يتولى الدفاع عن المتهم.
- إذا امتنع المتهم عن توكيل المحامي المعين دون سبب مقبول، يسقط حقه في طلب تعيين محامٍ.
- المادة (97): يتولى المحامي المعيّن الدفاع عن المتهم دون أن يطلب أجرًا منه، حيث تُصرف أتعابه من ميزانية الدولة بناءً على آلية تحددها الوزارة. كما يُمنح المحامي شهادة تثبت حضوره كل جلسة للمطالبة بأتعابه.
تضمن هذه النصوص حماية حقوق المتهم وضمان عدالة المحاكمة، بما يتماشى مع المبادئ الدولية والإسلامية، ويعكس التزام النظام القضائي السعودي بتوفير محاكمات عادلة لجميع الأطراف.